الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة بعد تقديمه 4 عروض فنية في فلسطين: الموسيقي عماد العليبي يروي سفرته وما عاشه بيــن الحلـم والضغــط

نشر في  21 جوان 2017  (23:10)

منذ ايام عاد الفنان عماد العليبي من فلسطين حيث قدمت مجموعته الموسيقية «سفر»  بالاشتراك مع معهد ادوارد سعيد بفلسطين 4 حفلات بكل من القدس ورام الله وبيت لحم وأريحا. حول هذه الجولة الموسيقية والتجربة التي خاضها عماد العليبي، كان هذا اللقاء..

-لو تحدثنا عن الجولة الموسيقية التي قمت بها من 5 إلى 15 جوان 2017 في فلسطين؟
في اطار الاقامة الفنية التي قمنا بها مع معهد ادوارد سعيد في القدس، قدمنا 4 عروض فنية أولها  كان في أريحا ثمّ الثاني في مخيم الدهيشة للاجئين ببيت لحم، ثمّ قدمنا حفلا ثالثا في رام الله وآخر حفل قدمناه كان في القدس الشرقية.
هذا وتمّ إلغاء عرض نابلس بالنظر للصعوبات التقنية التي واجهناها، كما كان بودنا تقديم عرض في غزة لكن ذلك كان صعب التحقيق.
كما لا يفوتني التنويه بمجهودات كل من عازف الكمنجة رفيقي زياد الزواري وجاي كروسلاند مايسترو الاركستر فضلا عن أداء طلبة معهد ادوارد سعيد  والفنانتين رند خوري وريم تلحمي اللتين رافقتانا على الركح.
- وماهو الانطباع العام الذي شعرت به خلال زيارتك؟
أولا، السفرة سمحت لنا بالاطلاع على الواقع الفلسطيني اليومي بشكل مباشر. أكيد لنا اطلاع على القضية ـ منذ الصغر في المكناسي ـ لكن أن تعيش المعاناة اليومية وحيثيات الدخول والخروج وما يرافقها من ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلية فهذا شيء آخر.
ثانيا، تفاجأت بالمستوى الثقافي الكبير للفلسطينيين وخاصة منهم الأطفال الذين كبروا قبل الأوان، فتلاحظ قوة في الشخصية وفي الثقافة وفي التربية... هذا ويتمتع التونسيون بحظوة كبيرة لدى الفلسطينيين، فما إن يعرفوا انك تونسي حتى يعبروا عن حفاوتهم الكبيرة بك...
يشدك أيضا المعمار، التداخل الديني الإسلامي المسيحي اليهودي في القدس أمر مبهر..  لم أكن اتصور ان بيت لحم أو أريحا أو رام الله بذلك الجمال خلافا للصور التي تتناقلها وسائل الإعلام زمن التوترات..

-ألم تشعر بأي ضغط؟
الجو في القدس له خصوصيته لأنّها تحت الاحتلال مباشرة، ومفروض عليك أن تحمل جواز سفرك معك بسبب الحواجز والمراقبة الإسرائيلية المشددة وحتى بوابة جامع الأقصى بها جنود إسرائيليون.. هناك نوع من الضغط الذي يعاني منه الفلسطينيون خاصة مع الهجمات بالسكاكين وردود الفعل التي تتبعها.. أما بالنسبة للمناطق الأخرى، فنسق الحياة عادي أكثر وحاليا هناك أجواء رمضان وهو ما تلمسه خصوصا في الليل..
على سبيل المثال اذا اردت الدخول الى رام الله، فأنت بحاجة الى قرابة ساعة من الزمن لتخطي حواجز المراقبة، هناك جو احتلال لا شك فيه لكن الفلسطينيين يحاولون مجاراة ذلك للتخفيف من وطأة الضغط... ومع ذلك يبقى هذا أقل بكثير مما يحدث في غزة فالحصار المضروب عليها لا مثيل له.
-وكيف كانت الأجواء في الحفلات؟
وإن كانت حفلة القدس ناجحة جدا بكلّ المقاييس، فإنّ أفضل عرض بالنسبة لي كان حفل مخيم اللاجئين بالدهيشة ـ تم ذلك بالتنسيق مع جمعية إبداع ـ فقد كانت الأجواء مميزة وقدمنا حفلا سيبقى في الذاكرة. كما تسنت لنا فرصة مقابلة أسرى غادروا السجون الإسرائيلية كانت شهاداتهم أكثر من موجعة لتنتهي السهرة برقصة الدبكة.


-ما هو المشهد الذي ظل عالقا في ذهنك؟
دون شك ما عشته يوم جمعة عند الجامع الأقصى عند مغادرة المصلين، فقد تمت معاملتهم من قبل الجنود الاسرائيليين بكثير من الاهانة تماما مثلما كان يعامل نظام الأبرتايد العنصري بجنوب افريقيا السود: جنود مدججون بالسلاح يدفعون المصلين المتقدمين في السن لكي يحثوا خطاهم لمغادرة المكان.. كان المشهد صادما بالنسبة لي لما فيه من تعسف على المصلين الصائمين..
-البعض ينادي بالمقاطعة والبعض الآخر يؤكد على ضرورة التحول الى فلسطين لتقديم العروض الفنية، فما هو رأيك في الموضوع؟
كل العروض التي قدمناها كانت في أراضي 67 ولو أن عديد الفلسطينيين المقيمين في يافا وحيفا ـ أي عرب 48 ـ كان بودهم لو تم تقديم عروض موسيقية عندهم، فزيارة السجين لا تعني التطبيع مع السجان وفق نظرهم. وبعيدا عن النفاق، الكل يعلم أنّ التنقل من مدينة فلسطينية إلى أخرى يتطلب الحصول على تصاريح من السلط الإسرائيلية.
من تحدثنا معهم يرغبون في أن تكون هناك مشاريع فنية حتى لا تكون هناك مقاطعة ثقافية، وكلهم على نفس الرأي من ناحية التطبيع، فبالنسبة لهم إذا قاطعت إسرائيل، فإنّ ذلك لا تأثير له عليها إذ لها مهرجاناتها والفنانون الذين يتنقلون لتقديم عروضهم فيها لكن الفلسطينيين لا تفد عليهم إلاّ قلة بالنظر لما يعيشونه من صعوبات.
الموضوع صعب، لكن يجب المحاولة، يجب المحاولة.. هناك أيضا الجانب المادي، فبعض الفنانين لا هم لهم سوى الأموال ولا يهمهم  المشاركة في تظاهرات لها بعد انساني أو ثقافي أو رمزي مثل أن تشارك في عيد الرعاة أو أن تذهب الى كردستان أو الى رام الله.
ـ كلمة أخيرة؟
من الستين بلدا التي زرتها، يمكن القول ان الهند وايران وفلسطين من أكثر البلدان التي أثرت في بحكم تاريخها وألوانها والعبق الصادر منها.. ولفلسطين مكانة خاصة في الذات لأنها جزء منا رغما عنا.

حاورته: شيراز بن مراد